تسبب تدخل المغرب ميدانيا في المنطقة العازلة للكركرات في اعادة شغيل المعبر الرابط بين الأقاليم الصحراوية وموريتانيا يوم 13 نونبر 2020 ، اذ مثل هذا التدخل امتحانا عمليا للعمل الدبلوماسي الذي أنجزته المملكة والجزائر خلال السنوات الماضية، وهو الامتحان الذي كانت نتيجته مرضية بالنسبة للرباط بعد أن أعلنت عشرات الدول دعمها الصريح للعملية التي انتهت بطرد عناصر جبهة “البوليساريو من المنطقة، بينما دعت قوى عظمى إلى الامتناع عن تعطيل حركة المرور المدنية والتجارية والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.لكن بالنسبة للجزائر فإن الأمر كان مختلفا تماما، حيث كانت البلد الوحيد الذي أعلن بشكل صريح وقوفه في صف الجبهة الانفصالية بعدما فضل حلفاؤه التقليديون عدم المغامرة بإعلان دعمهم لـ”البوليساريو” بالنظر إلى أن الأمم المتحدة نفسها كانت قد طلب من عناصرها إخلاء المنطقة العازلة، أما المفاجأة غير السارة فقد جاءت من روسيا ونيجيريا وإسبانيا، التي عاكست مواقفها حسابات الجار الشرقي للمغرب لدرجة الصدمة.
روسيا.. المصلحة فوق كل شيء
قبل عملية القوات المسلحة الملكية في الكركارات بأيام كانت روسيا تبدو كأقوى حليف يقف إلى جانب الطرح الانفصالي،
لكن ما حدث بعد حادث الكركرات كان مفاجئا للجميع، ففي 18 نونبر جرى اتصال بين وزيري الخارجية المغربي ناصر بوريطة والروسي سيرغي لافروف، انتهى بتوجيه موسكو نداء إلى جميع الأطراف المعنية “لتعزيز وقف الأعمال العدائية وتهدئة التوتر الذي نشأ في الأيام الأخيرة في منطقة الكركارات”، مع تأكيدها على “موقفها المؤيد لحل قضية الصحراء حصرا بالطرق السياسية والدبلوماسية وعلى أساس القانون الدولي المعمول به”، وهو ما بدا مناقضا لتوجه البوليساريو التي أعلنت “العودة إلى الحرب”.
نيجيريا.. فقدان حليف تقليدي.
بدا الموقف النيجيري محرجا جدا للجزائر، فوكالة أنبائها الرسمية ذكرت بشكل صريح أن انتقال بوقادوم إلى أبوجا للقاء نظيره جيفري أونياما سيشمل التطرق إلى ملف الصحراء في ظل التطورات الأخيرة، لكن هذا الأخير كما هو الشأن لوكالة الأنباء الرسمية لبلاده، تجاهلا الحديث عن هذا الموضوع نهائيا، ليكتفيا بالإشارة إلى أن النقاش تمحور حول مجموعة من المشاريع التي ترغب الجزائر في إنجازها بشراكة مع نيجيريا.
إسبانيا.. نتيجة عكسية
كانت الجزائر وجبهة البوليساريو تعقدان أملا كبيرا على موقف الحكومة الإسبانية لإدانة التدخل المغربي في الكركارات، ليس استنادا إلى مواقف سابقة للحزب العمالي الاشتراكي الذي يقود التجربة الحكومية الحالية والذي عادة ما كان يفضل إمساك العصا من المنتصف، ولكن بالنظر لوجود شريك راديكالي له سبق أن صرح مرارا بوقوفه إلى جانب طرح “تقرير المصير”، غير أن خرجة هذا الأخير هذه المرة تسببت له في تقريع علني ودفعت الخارجية الإسبانية إلى التبرؤ من تصريحاته.
وواجه بابلو إغليسياس، زعيم حزب “بوديموس” اليساري الراديكالي، دعوات بالكشف عن موقفه من تطورات الوضع بالصحراء ما دفعه إلى تجديد دعوته لإقامة استفتاء تقرير المصير كحل للقضية، وهو الأمر الذي دفع وزيرة الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا، إلى إعلان تبرؤ الحكومة في مناسبتين من هذه التصريحات باعتبارها “شخصية ولا تمثل الموقف الرسمي لإسبانيا.